تجربة العمل بين مدينتي دبي المحافِظة ولشبونة المتحررة

رجال أعمال
16 يونيو 2016آخر تحديث : منذ 8 سنوات
تجربة العمل بين مدينتي دبي المحافِظة ولشبونة المتحررة
160615154012_between_lisbon_and_dubai_640x360_tariqelasad_nocredit

خلال العامين الماضيين، قسَّم رجل الأعمال طارق الأسعد، وهو صاحب شركة عقارات، حياته بين مدينتين تختلفان كثيراً عن بعضهما: لشبونة ودبي.
يقيم طارق الأسعد البالغ من العمر 30 عاماً في لشبونة، وهو مؤسس ومدير عام شركة “تاميا الدولية” للعقارات. يتناول الأسعد غداءه خارج الشركة، ويستمتع على مهل بأوقاته، كما يحب أن يسير على قدميه لمشاهدة الآثار المعمارية الرائعة في لشبونة، التي تعد واحدة من أقدم المدن في العالم.
ثم يسافر، كل أربعة أسابيع، في رحلة تستغرق ثماني ساعات إلى مدينة دبي بالإمارات العربية المتحدة، التي تسير فيها الحياة بوتيرة متسارعة. كان الأسعد قد قضى 14 عاماً من طفولته في الخليج، وكان بعضها في مدينة دبي، وهو يقضي الآن قرابة أسبوعين متواصلين في كل رحلة، ويلتقي خلالهما بزبائن مهتمين بشراء عقارات في البرتغال.
وتهدف شركته إلى مساعدة الأجانب في الانتقال إلى البرتغال عبر برنامج “تأشيرة الدخول الذهبية” للدخول إلى ذلك البلد الأوروبي. ويمكن لغير المقيمين الذين يستثمرون نصف مليون يورو شراء عقارات في البرتغال. وتعمل شركته من أجل ترتيب هذا الأمر، وكذلك الحصول على تأشيرة تتيح لهم العيش والعمل في ذلك البلد وبعض بلدان أوروبا.
وهناك طلب متزايد على هذا النوع من التسهيلات من مواطني البرازيل، وأمريكا الجنوبية، وبلدان الشرق الأوسط، من بين مناطق أخرى، حسبما يقول. ويريد الكثير من الذين يلتقيهم أن يتمكنوا من التنقل بحرية عبر أوروبا.
ويتضمن سفره ذهاباً وإياباً بين البرتغال ودولة الامارات العربية المتحدة أكثر من مجرد الهبوط من الطائرة والذهاب إلى عمله، إذ يتطلب ذلك نوعاً من ضبط الذهن والتكيف من جانب الأسعد، الذي يفضل الوتيرة المتسارعة لمدينة دبي على شعور الاسترخاء في مدينة لشبونة.
نمط عيش متغير
ولد الأسعد في لندن حيث عاش فيها معتمداً على نفسه وعلى آخرين خلال حياته، وتعوّد على وتيرة حياة متسارعة. في عام 2014، وبعد تعرفه على برنامج “تأشيرة الدخول الذهبية” البرتغالي، ورؤيته فرصة في مجال التجارة والأعمال يساعد فيها الناس كي يجدوا عقارات لهم في هذا البلد، ظنّ الأسعد أن باستطاعته الحصول على أفضل ما في نمطي الحياة في المدينتين، حيث حياة عمل تلبي طموحاته، وحياة منزلية أكثر هدوءا.

يقول الأسعد: “يوجد مجال أرحب للتواصل مع الأصدقاء، وأوقات مرتجلة لتناول الغداء والعشاء، كما يبعد الشاطئ أقل من 30 دقيقة عنك”.

رغم ذلك، فقد تطلب الأمر منه بضعة أشهر لكي يتكيف مع نمط الحياة الأبطأ في لشبونة. إذ يصل أكثر العاملين إلى مكاتبهم حوالي الساعة العاشرة صباحاً، ويأخذون راحة لتناول الغداء قد تصل إلى ساعتين وقت الظهيرة، ثم يتركون العمل في الساعة السادسة مساءً. كان الأسعد يشعر بخيبة أمل لعدم قدرته على العثور على من يرد على الهاتف في فترات ما بعد الظهيرة.160615154119_between_lisbon_and_dubai_640x360_tariqelasad_nocredit

ويضيف: “يصعب إيجاد من تكلمه هاتفياً ما بين الثانية عشرة ظهراً والثانية بعد الظهر، لأنهم يتناولون غداءهم”.

ويتابع: “تخسر ساعتين من الوقت. كان ذلك صعباً في البداية. في لندن، تتناول شطيرة بيد، وتكتب على الكمبيوتر باليد الأخرى”.

لكن الأسعد تأقلم مع تلك الظروف، وبينما لا نراه يستمتع بفرصة غداء في ساعتين، كان غالباً ما يجلس خارج مكتبه خلال فترة غدائه لمدة ساعة بدلاً من الجلوس في مكتبه، كما كان يفعل عندما كان يعمل في لندن كوكيل شركة لتطوير العقارات.

الخليج المفعم بالنشاط

تشبه وتيرة الحياة في دبي كلاً من لندن أو نيويورك، حيث تجد الناس دوماً في عجلة من أمرهم. في دبي، يصل مكتبه المفتوح في الثامنة والنصف صباحاً، ثم يغادر المكتب لحضور اجتماعات ولقاءات مع الزبائن حتى الساعة الخامسة والنصف مساءً. ويرد الناس بسرعة على الرسائل الالكترونية، ويتناول طعامه في مكتبه، ويمكنه أن يضيف المزيد والمزيد من المهام خلال أيام العمل.

كما يقول إن دبي تختلف كثيراً اليوم عما شهده عندما كان طفلاً، حيث كانت أهدأ بكثير. فقد أصبحت المدينة الآن مركزاً عالمياً صاخباً ذا أجواء حقيقية للتجارة والمال والأعمال، ومكاناً نشطاً لقطاعات الترفيه والضيافة والعقارات. وتوجد بنوك وشركات استثمارية وغيرها من الشركات والمؤسسات التي تعمل في غيرها من المراكز الحضرية الكبرى.
يقول الأسعد: “لعل التغيير الحاصل خلال السنين الـ 15 الأخيرة لم يحصل في أي مكان آخر في العالم”.
كما أن الأديان والآداب الثقافية مختلفة في دبي عما هي عليه في لشبونة، فالأولى مسلمة، والثانية مسيحية، ما يضيف بُعداً آخر يمكن سبر أغواره في المدينتين. كما أن دبي مدينة أكثر تحفّظاً؛ لا يشرب المسلمون فيها الخمر، ويُحظر إقامة الطقوس في الأماكن العامة، بينما نجد أن لشبونة مدينة متحررة للغاية.
وذلك أمر يدركه الأسعد تماما عندما يرتّب مواعيد تناول الغداء والعشاء مع زبائنه. في البرتغال، يتوقع الزملاء أن تُطلب المشروبات الكحولية. وبالمقارنة، العصير والشاي هي السوائل المتوفرة لتختارها للشرب في دبي.160615154350_between_lisbon_and_dubai_640x360_thinkstock_nocredit
يقول الأسعد: “لم يحصل أبداً، ولن يحصل على الإطلاق، أن أطلب مشروباً كحولياً خلال لقاء أو اجتماع في دبي”. وإذا كان الاجتماع في مكتب أو منزل أحد، فإن عدم قبول دعوة لتناول الشاي يعتبر أمراً غير لائق، حسبما يوضح.
لشبونة والاسترخاء
بعد قضاء فترة الأسبوعين المخصصين للعمل في دبي، يأخذ الأسعد عادة يومين للاسترخاء والاستمتاع بالحياة ذات الوتيرة الأهدأ في لشبونة.

ويقول: “يبدو التمهل بالنسبة لي شيئاً أقل من الطبيعي. وأمضي بعض الوقت قبل التكيّف من جديد. لا استطيع العودة على الفور ومواكبة ذلك التغيير، حتى بعد تكرار الأمر مرة بعد أخرى”.
لكنه يعشق النشاط والحماس في لشبونة، بالإضافة إلى تكاليف العيش الأقل، حسبما يقول. كما أنها ليست ممطرة مثلما هي حال لندن، أو حارّة جدا مثلما هي حال دبي. لذا، يقضي الأسعد أوقاتاً أكثر خارج المنزل.
لكن هل هناك ما يجعل تلك الرحلات تستحق كل ذلك العناء؟ نعم، يحصل الأسعد على طاقتين تعرفان في الثقافة الصينية باسم “ين” ويانغ”، وهما طاقتان إحداهما إيجابية والأخرى سلبيىة يؤدي الجمع بينهما إلى الاستمتاع أكثر بالحياة. وأفضل ما في الحياتين وتيرة الاسترخاء في لشبونة، والشعور بالعمل بنشاط على الدوام في دبي ولندن.
ويضيف الأسعد وهو يصف رحلاته تلك: “إنها تمنعني من أن أصبح جامداً أو هامداً. وهناك دوماً آفاق اللقاء بالناس، ورؤية الأمور من منظور مفعم بالنضارة، وذلك ما يؤدي غالباً إلى اكتشاف فرص جديدة”.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.